فصل: البحث الثاني تشريح الزوج الثاني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



.البحث الثاني تشريح الزوج الثاني:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
والزوج الثاني من أزواج العصب الدماغي.
إلى قوله: وأما الزوج الثالث فمنشؤه.
الشرح:
قد علمت أن الزوج الذي في عيني الإنسان ونحوه يجب أن يكون شديد الرطوبة المائية وإنما يمكن ذلك بأن يكون محلها رطبًا ليبقى ما فيها من الرطوبة محفوظًا فلذلك يجب أن يكون مزاج العينين وما يتصل بها رطبًا فلذلك يجب أن تكون العضلات المحركة للعينين متكونة من عصب رطب لين فلذلك يجب أن يكون منشؤه بالقرب من منشأ الزوج الأول.
وذلك هو هذا الزوج خصوصًا وهو لا يصلح لتحريك غير العينين من الأعضاء لأجل إفراط لينه.
ويجب أن يكون منشؤه وراء منشأ الأول لأن الأول يحتاج أن يكون أكثر رطوبة منه لأنه للحس وهو للحركة ويجب أن يكون هذا المنشأ في طرفي الدماغ من الجانبين أكثر من الأول لأن الوسط ما بين جانبي الدماغ أكثر رطوبة فلذلك ما بين فردي هذا الزوج أو سع كثيرًا مما بين فردي الزوج الأول ومخرج هذا الزوج من ثقبين في نقرتي العين بالقرب من مخرج الأول يفصل بينهما عظم رقيق وإنما ينصبان عن خروجهما من الجمجمة إلا عند أول منشئهما كما في الزوج الأول وذلك لأن الزوج الأول يحتاج أن يلتقي فراده قبل الوصول إلى الجمجمة فيحتاج أن يتقارب أحدهما إلى الآخر من أول منشئهما ولا كذلك الزوج وإنما أخرج هذا من نقرة العين لأمرين: أحدهما: أنه يحتاج إلى أن يتفرق في جميع الجوانب التي تقرب من العين لتكون منه العضلات المحركة لها إلى جميع تلك الجوانب وإذا كان كذلك وجب أن يكون خروجه من الوسط ليكون تقسيمه إلى جميع الجوانب على العدل.
وثانيهما: أن العضلة التي خلف العينين تحتاج أن تكون قريبة الشبه من مزاجها وإنما يمكن ذلك إذا كان عصبها شديد الرطوبة وإنما يمكن ذلك إذا كان مخرجه من هناك إذ لو خرج من موضع آخر لكان يتصلب في مسافة نفوذ هذا الموضع. والله ولي التوفيق.

.البحث الثالث تشريح الزوج الثالث:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
أما الزوج الثالث فمنشؤه الحد.
إلى قوله: وأما الزوج الرابع فمنشؤه خلف الثالث وأميل.
الشرح:
إن هذا الزوج أيضًا يحتاج أن يكون شديد اللين لأن أكثره لأجل الحس ومنه ما هو لحس الذوق وهو إنما يكون بعصب ظاهر اللين لأن إدراك التفاوت بين الطعوم إنما يتم إذا كان المنفعل شديد القبول جدًّا ولكن لا يجب أن يكون لينه كلين الزوج الأول بل دونه في ذلك فلذلك شعب هذا الزوج الثالث التي في داخل الدماغ متوسطة اللين بين لين الزوج الأول والزوج الثاني.
وأما بعد خروجه فالظاهر أنه يكون أقل لينًا من الزوج الثاني لبعد مسافة ما بين منشئه ومخارجه ولذلك فيما أظن خلق منشؤه خلف منشأ الثاني.
قال جالينوس: وقد ظن المشرحون في هذا العصب أنه عصبة واحدة وكذلك يعتقد فيه من لم يستقص النظر وإذا تأمل الاستقصاء ظهر له شعب كثيرة في داخل القحف كالشعر موضوع بعضها على بعض من غير تلبد.
وهو أو لًا يخالط الزوج الرابع ويخرج معه من الأم الغليظة ثم بعد ذلك يتشعب إلى الشعب المذكورة في الكتاب وهذه العدة من الشعب ليست مجموع شعب هذا الزوج بل لأحد فرديه وللفرد الآخر شعب نظيرة لها من الجانب الآخر.
قوله: فمنشؤه الحد المشترك بين مقدم الدماغ ومؤخر الدماغ مقسوم في طوله وعرضه.
وذلك أنه ينقسم إلى قسمين يمينًا وشمالًا لك أن تسميهما جزأين ولك أن تسميهما بطنين.
وقد جعل بينهما حاجز وهو الحجاب القاسم للدماغ وتنقسم أيضًا ما بين أو له وآخره إلى أجزاء وإلى بطون.
أما الأجزاء فجزآن أحدهما من قدام والآخر من خلف والظاهر أنهما كالمتساويين في المساحة لست أعني مساحة الطول بل مساحة جميع الجرم بحيث يكون المقدم بجملته مساويًا للمؤخر بجملته إذ لا موجب لزيادة أحدهما على الآخر.
ولما كن المؤخر أدق كثيرًا من المقدم وجب أن يكون الجزء المؤخر أطول كثيرًا من المقدم حتى يكون طوله كالضعف من طول المقدم. ولما كانت الأعصاب السبعة آخذة في طول الدماغ.
وينبغي أن تكون الأبعاد التي بينها في طول الدماغ متساوية إذ لا موجب للتفاوت فيجب أن تكون حصة الجزء المقدم من الدماغ أقل وكالنصف من حصة المؤخر فلذلك صار في الجزء المقدم زوجان وفي المؤخر أربعة.
والزوج الثالث في الحد المشترك بينهما وانفصال الجزء المقدم عن المؤخر هو باندراج الحجاب بينهما فقط وأما انقسامه بالبطون فإن الدماغ ينقسم إلى بطون ثلاثة وهي التجاويف التي يكون فيها الروح وفيها يتعدل.
وهذه البطون مختلفة في المقدار وذلك لأن البطن المقدم منها لأجل الحس المشترك والخيال وإنما يدرك المحسوس ويحفظ بأن يتشنج مثاله في الزوج وذلك إنما يكون فيما له مقدار ومساحة فلذلك يجب أن يكون هذا البطن عظيمًا جدًّا ليتسع لمقادير أشباح المحسوسات وأما البطن المؤخر فلأجل حفظ المعاني وهي مما لا مقدار له حتى يحوج أن يكون مثالها في مقدار ومساحة فلذلك خلق هذا البطن صغيرًا جدًّا وأصغر من نصف المقدم.
وكذلك البطن الوسط فإنه لإدراك المعاني بالوهم فلذلك خلق أيضًا صغيرًا فلذلك تكون الأعصاب التي في البطن المقدم كبيرة جدًّا بالنسبة إلى التي في البطنين الآخرين فلذلك لا منافاة بين كلام الشيخ ها هنا وبين كلامه في الكتاب الثالث من كتب القانون إذ قال هناك: وإنما لين مقدم الدماغ لأن أكثر عصب الحس وخصوصًا الذي للبصر والسمع ينبث منه فإنه يريد هناك بالمقدم البطن المقدم لا الجزء المقدم. وإن كان كلامه هناك إنما كان أو لًا في الأجزاء.
قوله: ثم تفارقه وتتشعب أربع شعب يريد أن كل فرد من هذا الزوج يتشعب هذه الشعب وينبغي أن يكون مخرج كل شعبة من الموضع الأقرب إلى مواضع تفرقها وانبثاثها.
قوله: وشعبه تطلع في الثقب الذي يخرج منه الزوج الثاني.
سبب ذلك: أن هذه الشعبة لو أخرجت من غير هذا الموضع فإما من ثقب مستقل فتكثر ثقوب القحف ويزداد ضعفًا أو من ثقب مشترك بينها وبين غيرها فيتعين لها هذه الثقبة لأن ما سواها مما هو خارج عن نقرة العين بعيد عن مواضع انبثاث هذه الشعبة والتي مع هذه فقرة العين وهي مخرج الزوج الأول لا يمكن أن يخرج فيها مع ذلك الزوج غيره لئلا يضعفه فيفسد تجويفه ويلزم ذلك فقدان الإبصار.
إن هذا الزوج شديد الاستعداد للانضغاط لزيادة تجويفه ولفرط لينه.
قوله: والجزء الذي يأتي اللسان أدق من عصب العين لأن صلابة هذا ولين ذاك يعادل غلظ ذلك ودقة هذا.
قد قلناه: إن سبب غلظ عصب العين ليس لإفراط لينه بل ليمكن أن يكون تجويفه كبيرًا ظاهرًا ولما لم يحتج إلى ذلك ها هنا لا جرم كان هذا العصب دقيقًا. والله ولي التوفيق.

.البحث الرابع تشريح الزوج الرابع:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وأما الزوج الرابع فمنشؤه.
إلى آخر الفصل.
عبارة الكتاب في هذا ظاهرة. والله ولي التوفيق.

.البحث الخامس تشريح الزوج الخامس:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وأما الزوج الخامس فكل فرد ينشق بنصفين.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
قوله: كل فرد منه ينشق بنصفين.
قد قال جالينوس: أن العصبتين لا تخرجان من مخرج واحد لكن لكل واحدة منهما مخرج إلى جانب الأخرى وكل واحدة منهما تنشأ من أصل غير الأصل الذي تنشأ منه الأخرى وإذا كان كذلك لم يكن كل فرد منه واحدًا ثم ينشق.
قوله: والقسم الأول من كل زوج منه يعتمد إلى الغشاء المستبطن للصماخ يريد القسم الأول من كل فرد من فردي الزوج الخامس وإنما قال من كل زوج لأن كل فرد من هذين زوج كما قلناه أو لًا ويريد بالقسم الأول لا ما هو أولى في الخروج أو الظهور ونحو ذلك بل ما هو أولى في الكلام فيه ويريد بكونه يعمد إلى الغشاء أنه يذهب إلى هناك ليكون ذلك الغشاء منه ومن الجزء من الأم الغليظة الذي يصحبه وذلك لأن هذا الجزء من العصب وهو الذي يسمى عصب السمع قوله: وهذا القسم منبته بالحقيقة من الجزء المؤخر من الدماغ يريد الجزء المؤخر لا البطن المؤخر بل القسم الذي ينفصل عن المقدم باندراج الحجاب بينهما وهذا الجزء يقع في بعضه مؤخر البطن المقدم ومنه ينبت هذا الزوج فلذلك لا منافاة كما قلنا أو لًا بين قوله ها هنا وقوله في الكتاب الثالث: إن عصبة السمع تنبت من مقدم الدماغ إذ يريد هناك بالمقدم البطن المقدم وذلك البطن يقع آخره في الجزء المؤخر.
قوله: وهو الثقب الذي يسمى الأعور والأعمى لشدة التوائه وتعريج مسلكه.
هذه التسمية على سبيل المشابهة وذلك لأن هذا الثقب يشبه الأعمى من جهة أنه لا يسلك طريقه على الاستقامة بل يميل يمينًا وشمالًا وغير ذلك.
وقد ذكر الشيخ ها هنا مسألتين: إحداهما: ما السبب في خلقة الذوق أي حس الذوق في العصبة أي الشعبة الرابعة من الزوج الثالث وخلق حس السمع في الزوج الخامس وأجاب: بأن آلة السمع تحتاج أن تكون مكشوفة وآلة الذوق مخبأة وبيان هذا أن السمع إنما يتم بأن يصل إلى الصماخ بتموج الهواء الحامل للصوت وإنما يكون ذلك بأن يكون للهواء مدخل إلى هناك فلا بد وأن يكون هذا المدخل مفتوحًا دائمًا ليكون للإنسان إدراك الأصوات في أي وقت حدثت.
وأما الذوق فإنه إنما يدرك بأن ينحل من الجسم الحامل للطعم أجزاء تخالط الرطوبة العذبة التي في الفم وينفذ معها إلى العصب الذي فيه فتدرك كيفية تلك الأجزاء.
وإنما يكون ذلك إذا كان وضع اللسان في الفم ومن لا يحتاج أن يكون دائمًا بل إنما تحتاج إلى فتحة لإدراك الطعم إذا أريد إدخال المطعوم في الفم فلذلك كانت هذه الآلة محرزة موقاة بالفم وآلة السمع ليست كذلك وذلك موجب أن تكون آلة السمع أصلب لتكون عن قبول الآفات أبعد.
أقول: وها هنا أيضًا سبب آخر وهو أن إدراك الصوت إنما يتم بانفعال العصب عن تموج الهواء الراكد في الأذن تبعًا لتموج الهواء الحامل للصوت وهذا التموج لا يخلو من قرع فلو كان عصبه لينًا جدًّا لتضرر بذلك وبكيفية ذلك الهواء في حره وبرده ولا كذلك إدراك لطعم.
وثانيتهما: ما السبب في الاكتفاء في عضلات العين بعضلة واحدة ولم يفعل ذلك في عضل الصدغين بل جعل من الزوج الثالث والخامس من الجزء الثاني من كل واحد منهما وأجاب: بأن عصب عضلات العين يحتاج أن يكون مخرجه من نقرة العين وهذه النقرة فيها ثقب واسع لأجل الزوج الأول.
فلو جعل فيها ثقوب كثيرة لاشتد ضعفها ولا كذلك عضل الصدغين فإن مخرج عصبها من العظم الحجري وهو مما يحتمل ثقوبًا كثيرة لصلابته.
ولقائل أن يقول: إن عصب عضلات العين إنما احتيج إلى خروجه من النقرة لأنه عصب واحد يحتاج أن يكون بعد خروجه إلى جميع تلك العضلات متقاربًا وإنما يكون كذلك إذا كان من النقرة.
أما لو كان أعصابًا كثيرة لكان مخرج كل واحد منها يجب أن يكون من جهة العضلة التي يأتي إليها فلا يكون في النقرة ثقوب كثيرة وأيضًا فإن العظم الحجري كما احتمل أن يكون فيه ثقوب كثيرة كذلك هو أيضًا محتمل لان يكون فيه ثقب واسع فيه يخرج منه عصب واحد يكفي عضلات الصدغ. والله ولي التوفيق.